المخترع بلقاسم حبّة.. عبقري وادي سوف

فِي أَقْصَى الجَنُوبِ الجَزَائِرِيِّ، فِي صَحْرَاءِ وَادِي سُوفَ المُمتَدَّةِ بَيْنَ الكُثْبَانِ المَهِيبَةِ وَالآفَاقِ اللَّامُتَنَاهِيَةِ، وُلِدَ سَنَةَ 1957 طِفْلٌ اسْمُهُ بَلْقَاسِم حَبَّة. كَبِرَ بَيْنَ الرِّمَالِ الذَّهَبِيَّةِ وَالسَّمَاءِ الرَّحْبَةِ، يَحْمِلُ فِي أَعْمَاقِهِ تَوْقًا لَا يَخْبُو إِلَى العِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ.

دَرَسَ بَلْقَاسِم فِي الجَزَائِرِ حَتَّى أَصْبَحَ طَالِبًا فِي جَامِعَةِ

 العُلُومِ وَالتِّكْنُولُوجِيَا، وَنَالَ شَهَادَةً فِي الفِيزْيَاءِ. لَكِنَّ 

طُمُوحَهُ كَانَ أَكْبَرَ مِنَ الحُدُودِ، فَسَافَرَ إِلَى الوِلاَيَاتِ المُتَّحِدَةِ

 الأَمْرِيكِيَّةِ، وَتَابَعَ دِرَاسَتَهُ فِي جَامِعَةِ سْتَانْفُورْد، حَيْثُ نَالَ

 المَاجِسْتِيرَ وَالدُّكْتُورَاه.


مِنْ هُنَاكَ بَدَأَ مَسِيرَةً عَظِيمَةً فِي عَالَمِ التِّكْنُولُوجِيَا. عَمِلَ فِي

 شَرِكَاتٍ كُبْرَى مِثْلَ IBM وَNEC وَغَيْرِهَا، وَتَخَصَّصَ فِي 

مَجَالِ أَشْبَاهِ المُوَصِّلَات وَالتِّقْنِيَاتِ الَّتِي جَعَلَتِ 

الكُمْبِيُوتَرَاتِ وَالهَوَاتِفَ أَكْثَرَ قُدْرَةً وَسُرْعَةً.


وبِعَقْلِهِ المُبْتَكِرِ، سَجَّلَ بَلْقَاسِمُ مِئَاتِ بَرَاءَاتِ الاِخْتِرَاع فِي

 الوِلاَيَاتِ المُتَّحِدَةِ، وَآلافًا فِي العَالَمِ. وَصَارَ مَعْرُوفًا بِأَنَّهُ مِنْ 

أَكْثَرِ المُخْتَرِعِينَ إِنْتَاجًا عَلَى مُسْتَوَى العَالَمِ، حَيْثُ تَجَاوَزَ 

عَدَدُ بَرَاءَاتِهِ1500.

وَعِنْدَمَا عَادَ إِلَى بِلادِهِ، كَرَّمَتْهُ الجَزَائِرُ فِي سَنَةِ 2016،

 وَمَنَحَتْهُ وَسَامَ «عَشِير» تَقْدِيرًا لِإِنْجَازَاتِهِ العَظِيمَةِ.. وَصَارَ 

اسْمُهُ مَصْدَرَ فَخْرٍ لِلْجَزَائِرِ وَإِلهَامٍ لِلأَطْفَالِ وَالشَّبَابِ.

وهَكَذَا أَصْبَحَ الطِّفْلُ الَّذِي وُلِدَ فِي صَحْرَاءِ وَادِي سُوف، 

وَتَعَلَّمَ فِي مَدَارِسِ الجَزَائِرِ، وَاحِدًا مِنْ أَعْظَمِ المُبْتَكِرِينَ فِي

 العَالَمِ.. وَتُرَسِلُ قِصَّتُهُ رِسَالَةً بَسِيطَةً: 

بِالعِلْمِ وَالعَمَلِ، يُمْكِنُ لِلْحُلْمِ أَنْ يُصْبِحَ حَقِيقَةً تُغَيِّرُ 

العَالَمَ


حنان مهدي