فِي يَوْمٍ مُشْرِقٍ وَبَارِدٍ فِي مَدِينَةِ الثَّلْجِ الْمُلَوَّنَةِ، اجْتَمَعَ
السُّكَّانُ فِي السَّاحَةِ الْعَامَّةِ لِيَحْتَفِلُوا بِمُنَاسَبَة: عِيدُ الْحَلْوَى
الْمُثَلَّجَةِ.
وبِسِحْرِهَا الْمُبْهِرِ، صَنَعَتْ أَمِيرَةُ الأُمْنِيَاتِ كَعْكَةً عَجِيبَةً،
مَغْطَّاةً بِالْكَرِيمَةِ الْبَيْضَاءِ، تَتَلَأْلَأُ فَوْقَهَا حُبَيْبَاتٌ مِنَ الثَّلْجِ
الذَّهَبِيِّ.. وَفِي الدَّاخِلِ كَانَتْ نُكْهَةُ اللَّيْمُونِ الْمُنْعِشَةِ تُعبقها.
صَاحَ الْجَمِيعُ فِي فَرَحٍ: "عِيدٌ سَعِيدٌ! عِيدٌ مُثَلَّجٌ جَمِيلٌ!”
وَحِينَ جَاءَ الْوَقْتُ لِقَطْعِ الْكَعْكَةِ، اكْتَشَفَ الْجَمِيعُ أَنَّ قِطْعَة
كَبِيرَةً قَدِ اخْتَفَتْ!
ارْتَفَعَ صَوْت الحُضُورِ، وَصَارَ كُلٌّ يَتَّجِهُ بِالنَّظَرِ إِلَى الآخَرِ..
فَقَالَتْ أَمِيرَةُ الأُمْنِيَاتِ بِصَوْتٍ سَاحِرٍ: “سَحْرِي يُخْبِرُنِي أَنَّ
الْحَقِيقَةَ هُنَا بَيْنَنَا… وَالْخَائِنُ سَيَنْكَشِفُ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ".
دَخَلَ ثَلْجُونُ الْأَحْمَرُ السَّاحَةَ، وَتَأَمَّلَ الْجَمْعَ بِعَيْنَيْهِ
النَّافِذَتَيْنِ، ثُمَّ تَوَقَّفَ أَمَامَ سَمْعُونَ وقال: “لِمَاذَا تَرْتَعِدُ يَا
سَمْعُون؟”.
اسْتَقَامَ سَمْعُونُ مُبْتَسِمًا، وَقَالَ بِصَوْتٍ مُتَصَنِّعٍ: “مَنْ؟ أَنَا؟
أَنَا لَسْتُ خَائِفًا… وَلَا أَعْلَمُ شَيْئًا عَنِ الْكَعْكَةِ”
هَمَسَ بَعْضُ الْأَطْفَالِ: “إنَهُ يرتَجِفُ حَقًا؟”
هتف ثَلْجُونُ قَائِلًا: “غَرِيبٌ… أَشُمُّ رَائِحَةَ اللَّيْمُونِ قُرْبَكَ،
وَرَأَيْتُ آثَارَ السُكَّر الأصفر عَلَى يَدَيْكَ".
تلَاوَنَ وَجْهُ سَمْعُونَ، وَقَالَ بِاضْطِرَابٍ: “إ.. إِنَّهُ غُبَارُ ثَلْجٍ، لَيْسَ
سُكَّرًا! أَنْتَ مخْطِئُ، يَا ثَلْجُون!”
وَكُلَّمَا تَكَلَّمَ، كَانَ صَوْتُهُ يَرْتَعِشُ أَكْثَرَ، فَقَالَتْ أَمِيرَةُ الأُمْنِيَاتِ
وَهِيَ تَرْفَعُ عَصَاهَا الْبِلُّورِيَّةَ: “سحْرُ الْحَقِيقَةِ سَيُظْهِرُ
الْمُخْتَفِي".
وَفَجْأَةً تَسَاقَطَتْ مِنْ فَمِ سَمْعُونَ قُطَيْرَاتٌ صَغِيرَةٌ مِنْ
كَرِيمَةِ اللَّيْمُونِ أَمَامَ الْجَمِيعِ!
انْخَفَضَ رَأْسُهُ، وَاعْتَرَفَ أَخِيرًا: “نَعَم… أَنَا مَنْ سَرَقَ الْقِطْعَةَ..
خفت أَنْ يَنْتَظِرَ الْجَمِيعُ طَوِيلًا، فَكَذَبْتُ وَحَاوَلْتُ إِخْفَاءَ الْأَمْر".
رَدَ ثَلْجُونُ بِصَوْتٍ حَازِمٍ: “لَيْسَ السَّرِقَةُ وَحْدَهَا خَطَأً… بَلِ
الْكَذِبُ يُفْقِدُكَ هَيبَتَك".
أَمَّا أَمِيرَةُ الأُمْنِيَاتِ فَأَضَافَتْ: “فِي عِيدِ الْحَلْوَى الْمُثَلَّجَةِ،
نُرِيدُ الْحَقَّ وَالْمَحَبَّةَ، لَا الْكَذِبَ وَالْخِدَاعَ.
صَفَّقَ الْجَمِيعُ وَتَقَاسَمُوا الْكَعْكَةَ بِفَرَحٍ، وَتَعَلَّمَ سَمْعُونُ دَرْسًا
مُهِمًّا: أَنَّ الْكَذِبَ يُخْفِي الْحَقِيقَةَ لَوْقَتًا، وَلَكِنَّ الْحَقَّ
يَظْهَرُ دَائِمًا.