آدَمٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ  /                              إعداد: حنان مهدي

 أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَخْلُقَ أَوَّلَ إِنْسَانٍ، لِيَكُونَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ، فَأَخَذَ اللهُ مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ مِنْ سَهْلِهَا وَحَزْنِهَا، وَمِنْ أَبْيَضِهَا وَأَسْوَدِهَا وَأَحْمَرِهَا، فَخَلَقَ مِنْهُ سَيِّدَنَا آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَصَارَ النَّاسُ فِي مَا بَعْدُ مُخْتَلِفِينَ فِي أَلْوَانِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ.


خَلَقَ اللهُ آدَمَ بِيَدَيْهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، فَصَارَ إِنْسَانًا كَامِلًا، ثُمَّ عَلَّمَهُ اللهُ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى صَارَ أَعْلَمَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَأَمَرَ اللهُ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يَسْجُدُوا لِآدَمَ تَكْرِيمًا لَهُ، فَسَجَدُوا جَمِيعًا، إِلَّا إِبْلِيسَ الَّذِي تَكَبَّرَ وَقَالَ: “أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ، خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ، وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ”، فَلَعَنَهُ اللهُ وَطَرَدَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ.


ثُمَّ أَسْكَنَ اللهُ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ وَحِيدًا، فَخَلَقَ اللهُ لَهُ زَوْجَتَهُ حَوَّاءَ مِنْ ضِلْعِهِ لِتَكُونَ لَهُ سَكَنًا، وَقَالَ لَهُمَا: ﴿يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا، وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾.


وَلَكِنَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَهْدَأْ، فَوَسْوَسَ لَهُمَا وَقَالَ: ﴿مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾، فَغَرَّهُمَا، فَأَكَلَا مِنَ الشَّجَرَةِ، فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا، فَنَدِمَا وَتَابَا إِلَى اللهِ، فَغَفَرَ لَهُمَا، وَلَكِنَّ اللهَ قَدَّرَ أَنْ يَهْبِطَا إِلَى الْأَرْضِ لِيَعِيشَا فِيهَا وَيَعْمُرَاهَا.


عَلَّمَ اللهُ آدَمَ كَيْفَ يَزْرَعُ وَيَسْتَعْمِلُ الْحَدِيدَ، وَأَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَبْنِيَ الْكَعْبَةَ لِتَكُونَ بَيْتًا لِعِبَادَةِ اللهِ فِي الْأَرْضِ. وَرُزِقَ آدَمُ وَحَوَّاءُ أَوْلَادًا كَثِيرِينَ، مِنْهُمْ قَابِيلُ وَهَابِيلُ. وَلَكِنَّ قَابِيلَ حَسَدَ أَخَاهُ، فَقَتَلَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ قَتْلٍ يَحْدُثُ فِي الْأَرْضِ، فَأَرْسَلَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي التُّرَابِ، لِيُرِيَ قَابِيلَ كَيْفَ يُوَارِي جَسَدَ أَخِيهِ.


وَعَاشَ سَيِّدُنَا آدَمُ نَبِيًّا يُعَلِّمُ أَوْلَادَهُ دِينَهُمْ، وَوَصَّى ابْنَهُ شِيثًا مِنْ بَعْدِهِ، وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ نَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ فَغَسَّلُوهُ، وَكَفَّنُوهُ، وَصَلَّوْا عَلَيْهِ، وَقَالُوا لِبَنِي آدَمَ: “هَذِهِ سُنَّتُكُمْ إِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْكُمْ”.


وَهَكَذَا كَانَتْ بَدَايَةُ قِصَّةِ الْإِنْسَانِ فِي الْأَرْضِ بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، وَبِدَايَةُ عَدَاوَةٍ قَدِيمَةٍ بَيْنَ إِبْلِيسَ وَذُرِّيَّةِ آدَمَ حَتَّى يَوْمِ الْقِيَامَةِ